الطفولة في غزة تُسرق تحت وقع القنابل والجوع. في تقرير لميدل إيست مونيتور، توضح الكاتبة كيف تحولت براءة الطفولة في غزة إلى رماد بفعل الدمار والحصار، حيث يعيش الأطفال حياة مليئة بالخوف بدلًا من الضحك والأمل.

منذ اندلاع الحرب عام 2023، يولد طفل كل عشر دقائق في غزة، أي ما يقارب 20 ألف طفل جديد، وسط انهيار النظام الصحي وقصف المستشفيات. هذه الولادات تتم في ظل غياب المعدات الطبية وأمام أطباء يعملون تحت القصف.

قتل القصف الإسرائيلي نحو 14350 طفلًا، ما يعادل 44٪ من إجمالي الضحايا، بمعدل أربعة أطفال في الساعة. وبحسب فيليب لازاريني، مفوض الأونروا، سقط في غزة خلال أربعة أشهر عدد من الأطفال يفوق حصيلة كل النزاعات العالمية خلال أربع سنوات ونصف.

الأطفال في غزة لا يفقدون أرواحهم فقط، بل حقوقهم الأساسية أيضًا. أكثر من 625 طفل حُرموا من التعليم، إذ تدمرت المدارس أو تحولت إلى ملاجئ، وتعرضت الأخرى للخطر بسبب القصف. الشوارع الصاخبة سابقًا بلعب الأطفال تحولت إلى أنقاض صامتة، وملاعبهم أصبحت مقابر.

الأطفال يواجهون حربين: واحدة من الطائرات، وأخرى من الجوع. آلاف الأطفال الذين وُلدوا خلال الحرب، مثل عز الدين وحسام، لم يعرفوا يومًا هادئًا في حياتهم. الحليب والحفاضات والأدوية أصبحت أحلامًا بعيدة. تروي إحدى الأمهات كيف صارت تعد حفاضات ابنها لأنها لا تعرف متى تستطيع شراء غيرها.

القصة المؤلمة لطفلة تُدعى نور، تبلغ من العمر ثلاث سنوات، تعكس معاناة الطفولة في غزة. كانت تطلب بيضة واحدة يوميًا، لكن السوق خالٍ والطعام شبه منعدم. وبعد محاولات طويلة، نجح والدها في جعل الدجاجة العائلية تضع بيضة واحدة. عندما طُهِيَت، قفزت نور من الفرحة، وهي تصرخ: "بيضة! بيضة!" كأنها انتصرت على العالم.

نور تطلب كل صباح قطعة شوكولاتة أو بسكويت، لكن هذه الأحلام البسيطة صارت مستحيلة. كيف يمكن إخبار طفلة أن قطعة بسكويت لم تعد موجودة، وأن الحصار سرق طعم الطفولة؟

القصص التي تسردها الكاتبة من قلب غزة تمزق القلوب:
عزمي أبو الشعور، طفل في العاشرة، كتب رسالة وداع على هاتفه لأسرته قبل مقتله في غارة. قال فيها إنه يحبهم وطلب العفو. بعدها، صمت الصبي إلى الأبد.

معتصم شقشق، في الثامنة، يعيش في خيمة. حلمه الوحيد هو العودة إلى المدرسة. بينما يحلم أطفال العالم بالرحلات والألعاب، هو يحلم بالدفاتر والسبورات.

بيسان الطبان، سبع سنوات، تتمنى أن ترسم من جديد وأن تتوقف القنابل. الرسم صار ترفًا مسلوبًا.

مشروع "حكايات تحت الشجرة"، أطلقته الصحفية فاطمة سهيل لتقرأ قصصًا للأطفال المهجرين في خيمة تحت شجرة، محاولة بسيطة لإعادة بعض من دفء الطفولة.

الحقوق التي تنص عليها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل – مثل الحق في التعليم واللعب والأمان والرعاية الصحية – كلها مسلوبة في غزة. المدارس مدمرة، المستشفيات شبه منهارة، واللعب صار حلمًا. لا دواء، لا أمان، ولا حتى وجبة مشبعة.

تختم الكاتبة بنداء للعالم: أي عالم هذا الذي يدع الأطفال يموتون بسبب السياسة؟ أي ضمير يسكت حين تطلب طفلة قطعة شوكولاتة ولا يجدها أحد؟

أطفال غزة لا يحتاجون إلى الشفقة، بل إلى العدالة. يحتاجون إلى أن تُسمع أصواتهم وتُرى معاناتهم، ويُستجاب لها. هذه ليست فقط حربًا على غزة، بل حرب على الطفولة ذاتها.

والتاريخ سيحفظ أسماء من التزموا الصمت.

https://www.middleeastmonitor.com/20250531-children-of-gaza-growing-up-amid-war-and-hunger/